المعارك الإسلامية مثلت على طول الزمان وعرضه نموذجا فريدا، إذ لم تر الدنيا في تاريخها معارك أشرف من معارك المسلمين ولا أسمى منها غاية كما تعدّ غزوة بدر حدثاً هامّاً في السّيرة النبوية، فهى أقوى الغزوات التي خاضها المسلمون، وقد وقعت في السّنة الثانية للهجرة بعد أن أراد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التّصدّي لقافلة من قوافل قريش يترأسّها معاوية بن أبي سفيان
اهداف المسلمون من معاركهم
تعددت المعارك عند جميع الأمم الإنسانية ، وذلك على حسب الهدف تلك الأمة من المعركة فقد يكون هدفها الظلم والجور على الأخرين أو حب التسلط والتحكم في الأمم الأخرى وقد يكون السبب أسمى من كل ذلك وهو دفع الظلم والاعتداء الذي يقع على النفس،ولعل ذلك الهدف هو من قامت بسببه جميع المعارك لدى دولة الإسلام وكان المسلمين في قتالهم غاية النزاهة والشرف ودفع الظلم الشديد الواقع عليهم من الأمم الأخرى فلا يوجد معركة سعى فيها المسلمين لبسط نفوذهم أو اكراه اناس أخرين على إعتناق الإسلام أو كانت بدافع التكبر واستضعاف الآخرين
معركة ذات الصواري
كان لبيزنطة أسطول دائم ومهيب، وعدة قواعد بحرية، ودور لصناعة السفن في القسطنطينية وعكا والإسكندرية وقرطاجة، وسرقوسة بصقلية ورافنا بإيطاليا وغيرها، فقد بلغت عنايتها بالسلاح البحري أقصاها منذ عهد جستنيان – يوستانيوس – في منتصف القرن السادس الميلادي، وعهد هرقل قبل منتصف القرن السابع ومن جاء بعده من الأباطرة. وإلى جانب الأسطول البحري، كان لبيزنطة عدد من السفن التجارية تستخدم في عمليات نقل الجند والإمدادات، وكان تتحكم في منافذ البحر الأبيض بلغ الامبراطور البيزنطي أمر القوة الهائلة البحرية والبرية التي قام المسلمون بإعدادها لمهاجمة القسطنطينية، فأصابه الهلع والخوف على الوجود البيزنطي خصوصاً بعد معرفته بأخبار فتح أفريقيا وتوغل المسلمين إلى بلاد النوبة، فقرر التجهز لمواجهة عنيفة تُنهي القوة البحرية الحديثة للمسلمين في مهدها
نتائج معركة ذات الصواري
خرج المسلمون بأسطول قوامه (200) سفينة، يقودهم والي مصر “عبد الله بن سعد بن أبي السرح”، أما الأسطول البيزنطي فكان قوامه (500) سفينة حسب أقل تقدير، ووصل في بعض التقديرات إلى (1000)، يقودهم “قسطنطين الثاني”.أنزل عبد الله نصف جيشه برًا بقيادة “بسر بن أبي أرطأة”، للقيام بواجبات الاستطلاع وقتال البيزنطيين المرابطين على البر؛ لأن المعركة البحرية قريبة من البر وفي النهاية سيتم اللجوء إليه، بالإضافة لمهام الاستطلاع.ثم قام عبد الله بن سعد خطيبًا بالناس فقال: قد بلغني أن هرقل أقبل إليكم في ألف مركب، فأشيروا عليّ، فلم يجبه أحد، ثم قام الثانية والثالثة، عندها قام رجل من أهل المدينة فقال أيها الأمير، إنّ الله عزّ شفقال عبد الله: اركبوا باسم الله.اقترب الأسطولان من بعضهما وهاجت الريح، فأرسل المسلمون للبيزنطيين إن شئتم ننزل إلى الساحل فنقاتل هناك حتى يكتب لأحدنا النصر (المسلمون يفضلون المعركة البرية)، فأبى البيزنطيون إلا البحر ثم اتفقوا على القتال في اليوم التالي، فبات المسلمون يدعون ويبتهلون إلى الله، والنصارى كذلك.مع فجر اليوم التالي: اقترب الأسطولان من بعضهما، وبدأ القتال بالسهام، فلما انتهت بدأوا يرمون بعضهم بالحجارة، فلما فرغت بدأ المسلمون يربطون سفنهم بسفن البيزنطيين، فحولوا البحر لساحة قتال بريّ، وبدأ ضرب السيوف على السفن، وكاد قائد المسلمين عبد الله أن يقع أسيرًا لكنه نجا بالقفز لإحدى سفن المسلمين القريبة وأبلى المسلمون بلاء حسنًا وصمدوا صمود الأبطال، ثم لاح لهم النصر فبدأ جنود البيزنطيين يفروا ويقفزون إلى البحر، وأصيب الامبراطور قسطنطين، ففر هاربًا يجر ذيول الحسرة والهزيمة، ووصل إلى جزيرة صقلية، فلما سأله أهلها عن أمره قالوا: خذلت النصرانية وأفنيت رجالها، ثم أخذوه فقتلوه.